حارة الارامل
لي على حافة هذا الحارة ذكريات أليمه لا أستطيع نسيانها, هنا المخابرات العسكريه حيث سجنت سبع وأربعون يوماً في قبوها الكئيب, هنا تورمت قدماي وإزرقت ساقاي من التعذيب,وهنا سمعت أحدهم يقول عني للآخر( لقد كان يجعر في البارحه مثل الثور, وكان صوته يصل بعيداً إلى الملعب).. هنا ربطت رجلاي وبدؤا بالضرب كحدادين على سندان واحد, هنا الجلاد كان ينحني للخلف ثم ينهال علي بعزم قوي من جسد ضخم( ومخ صغيرتابع) . حملت حذائي في يدي, وأنا أكاد لا أصدق, إنه لا يستطيع إستيعاب قدمي الآن. وأنا أمشي وأعرج متمايلاً في كل الإتجاهات, ثم تركت في القبو لوحدي, وكان الخروج للحمام محدوداً , لذا كنت أستخدم الدولاب(إطار سياره) الذي عذبوني وربطوني فيه, أستخدمه للتبول ثم أدحرجه ليجف سريعاً(عفوا, فما ذنبي ولكن ذنب من سجنوني). وكان كل ذالك وأنا مستدعى لأشهد على غيري فكيف بالمتهمين؟...
بعد خمس سنين من ذالك, وفي الثالث من شباط 1982 دخلت سرايا الدفاع إلى هذا الحاره الجديده والمسماة جنوب الملعب, والتي لم تشهد طلقة رصاصة واحدة ضد النظام, فشوارعها الواسعه جعلت الجيش يفعل ما يشاء ويصل إليها فوراً متى شاء, وإقتنع الناس أنه لا يمكن الدفاع عن هذه الحاره بالقوه,و لذا دخلها الجيش منذ اليوم الأول ثم عاد إليها اليوم.
دعي الرجال إلى ساحة الحي عبر مكبرات الصوت فإجتمعوا, ولم لا؟ فليس فيهم أي شخص حمل سلاحاً أو رفع لافتة أو هتف ضد النظام . أعطي الناس دروساً عبرمكبرات الصوت وحذروهم من أي مقاومه, كما عبروا لهم عن نواياهم الحسنه إتجاههم.. ثم صرفوا ثم دعو مرة أخرى وهددوا إن فعلوا أي شيء ضد النظام وصرفوا, ثم دعوا مرة ثالثة فخرج كل رجال الحي عدا قلة قليلة . وكان الجمع عظيماً والخطب جللاً وقوات سرايا الدفاع قد زاد عددها بكثرة وهي تزمجر وتشتم وتتوعد وتتصرف وتهين جموع هؤلاء الناس, وفجأة صاح قائدهم صوتاً مريعاً, إنطلقت إثره الرشاشات جميعها بوقت واحد, و بدأت الناس تتساقط في منظر رهيب مخيف مرعب,وكأنهم عشب طويل كثيف يابس ملأ الحقل, فهاجمه الإعصار من كل مكان ثم إستطاع تحطيمه أرضاً, وما هي إلا دقائق و1500 قتيل وجريح في الأرض ثم أجهز على الجرحى منهم حتى ماتوا جميعا (عدا الجريح فائز عاجوقه والذي أصيب برصاصة في فخذه, فقد نهض من بين ركام الجثث بعد ذهاب القتله فذهب إلى بيته ثم قصد المشفى الوطني الحكومي القريب لضرورة العلاج, وفي غرفة الإسعاف دخل عليه أحد عناصر سرايا الدفاع وأمسك بحربته وشق بطنه, ولما خافت الممرضات من هذا الفعل أخرج الجندي كبد الضحية ولحق به الممرضات اللاتي هربن إلى الممرات مذعورات وهو يضحك .. هل تأكلون؟) ـ وأقسم بالله أنني منعت أنا الكاتب نشر كامل هذه القصه عام 1982 خوف التكذيب لكن الجميع عرف اليوم إجرام النظام في ثورة 2011 وكيف مثلوا بالشهيد حمزه الخطيب وغيره ـ وحمل القتلى حين جاء دورهم بالجرافات إلى سيارات نقل الأحجار (القلابه) .. ثم إلى المقابر الجماعيه وأولادهم ونساؤهم ينظرون إليهم من خلف الستائر مرتجفين مشدوهين باكيين........
وكان بعضهم أقرباءّ من عائلة واحده كمحمد أبو الفقراء وإخوته الثلاثه , وخمسة أبناء لفارس قوجه. و ابو جهاد النحاس واولاده الاربعه, وثلاثة أولاد لشريف اللاذقاني و..و..كما سحبوا الرائد البعثي أحمد عبد العزيزعزيّز من بيته وجروه من رتبته (بعد أن إرتدى بذته ليحمي بها نفسه وذكر لهم أنه في إجازه) فقتلوه ( فمن ولصالح من كان يعمل هؤلاء القتلة الطائفيون) وهكذا طافوا البيوت ليقتلوا كل من لم يحضر الساحه وينظفوا البيوت من الذهب والاموال . إلى أن وصلوا بيت صديقي الطيب الكريم الوديع أحمد الشيخ منُو (مساعد صيدلي) الذي كان يسمع أصوات الرشاشات في حيه هذا, وأدرك أن عدم ثقته بالنظام أفادته فجلس في بيته و لم يخرج ليقتل والحمد لله. وفجأة قرع بابه بقوه (إفتح ولا... بسرعه قرد ولا).. همهمت الأسرة جميعاً نعوذ بالله وحسبنا الله .. يا لطيف.. والحوقلة وآية الكرسي.. تتدفق بسرعة كبيرة على جميع الألسن, وأدركوا بسرعه أن الجنود سيستطيعون بسهولة كسر الباب ..فبادر الوالد ( بسم الله الرحمن الرحيم) وفتح الباب وزوجته وأولاده يرتجفون خوفا, وبادرهم بالترحاب تفضلوا أهلاً وسهلاً, ودخل الجنديان إلى غرفة الصالون, وجلسوا وبنادقهم بأيديهم والأب يرحب بهم قائلاً ( يا هلا بالشباب.. شو بتريدوا تشربوا؟ شاي ولا قهوه؟ ولا أكل) فطلبوا القهوه, فصاح الوالد: تعال يا إبني محمد (20 عاماً) جيب قهوه للشباب, وذهب محمد وتناول من أمه صينية القهوه وحملها بين يديه ومر عبر الصالون حتى دخل باب غرفة الضيوف وهو بطريقه إليهم, وإذا بأحد الجنود الجالسين يفاجأه برصاصة واحدة جاءت في قلبه فوقع ميتاً, ونفر دمه على السجاده, لم يتمالك الاب نفسه فتوتر وصاح بعصبية وسرعه ( لك ليش أتلتو لك شو ساوالك؟ مو حرام؟) فأمسك الجندي البندقية وأعطى الوالد رشقة رصاص من بندقيته فوقع ميتاً , وسال دمه على السجاد, ليختلط بدماء إبنه, ثم إ نصرفوا يتابعون مهمتهم (صرف الله قلوبهم). ودخلت أم محمد تولول وتصيح....ولا من مجيب, ثم حارت في طريقة إيصالهم لمثواهم الأخير, وكيف هذا والتجول ممنوع,ذهبت وطلبت مساعدة الجوار القريب, ولكن هل بقي رجال ليساعدوا؟؟؟ رجعت أم محمد مع أطفالها والجوار تجر الجثث ثم وجدت أن أحد الفناجين فقط كان مكسوراً مفتتاً, وهو الذي عبرت منه الطلقه لإبنها.., وإنسحب القتلة آخذين معهم بقية الأحياء ليحفروا لهم خندقاً كبيراً ويرشوهم بالرصاص ليقعوا فيه, وهكذا إنتصر القتله على الحاره, مخلفين وراءهم ما يقارب 1050 أرملة و حوالي 3200 عانوا جميعاً ( ليحيى الأسد وبعثه الطائفي) عاشوا بالفقر والحرمان, يمدون أياديهم للسماء ليستحثوا خطى السماء.
آآآه.......... ياحماه
ـ قصة حقيقيه وشهودها أحياء د.مهدي الحموي
بعد خمس سنين من ذالك, وفي الثالث من شباط 1982 دخلت سرايا الدفاع إلى هذا الحاره الجديده والمسماة جنوب الملعب, والتي لم تشهد طلقة رصاصة واحدة ضد النظام, فشوارعها الواسعه جعلت الجيش يفعل ما يشاء ويصل إليها فوراً متى شاء, وإقتنع الناس أنه لا يمكن الدفاع عن هذه الحاره بالقوه,و لذا دخلها الجيش منذ اليوم الأول ثم عاد إليها اليوم.
دعي الرجال إلى ساحة الحي عبر مكبرات الصوت فإجتمعوا, ولم لا؟ فليس فيهم أي شخص حمل سلاحاً أو رفع لافتة أو هتف ضد النظام . أعطي الناس دروساً عبرمكبرات الصوت وحذروهم من أي مقاومه, كما عبروا لهم عن نواياهم الحسنه إتجاههم.. ثم صرفوا ثم دعو مرة أخرى وهددوا إن فعلوا أي شيء ضد النظام وصرفوا, ثم دعوا مرة ثالثة فخرج كل رجال الحي عدا قلة قليلة . وكان الجمع عظيماً والخطب جللاً وقوات سرايا الدفاع قد زاد عددها بكثرة وهي تزمجر وتشتم وتتوعد وتتصرف وتهين جموع هؤلاء الناس, وفجأة صاح قائدهم صوتاً مريعاً, إنطلقت إثره الرشاشات جميعها بوقت واحد, و بدأت الناس تتساقط في منظر رهيب مخيف مرعب,وكأنهم عشب طويل كثيف يابس ملأ الحقل, فهاجمه الإعصار من كل مكان ثم إستطاع تحطيمه أرضاً, وما هي إلا دقائق و1500 قتيل وجريح في الأرض ثم أجهز على الجرحى منهم حتى ماتوا جميعا (عدا الجريح فائز عاجوقه والذي أصيب برصاصة في فخذه, فقد نهض من بين ركام الجثث بعد ذهاب القتله فذهب إلى بيته ثم قصد المشفى الوطني الحكومي القريب لضرورة العلاج, وفي غرفة الإسعاف دخل عليه أحد عناصر سرايا الدفاع وأمسك بحربته وشق بطنه, ولما خافت الممرضات من هذا الفعل أخرج الجندي كبد الضحية ولحق به الممرضات اللاتي هربن إلى الممرات مذعورات وهو يضحك .. هل تأكلون؟) ـ وأقسم بالله أنني منعت أنا الكاتب نشر كامل هذه القصه عام 1982 خوف التكذيب لكن الجميع عرف اليوم إجرام النظام في ثورة 2011 وكيف مثلوا بالشهيد حمزه الخطيب وغيره ـ وحمل القتلى حين جاء دورهم بالجرافات إلى سيارات نقل الأحجار (القلابه) .. ثم إلى المقابر الجماعيه وأولادهم ونساؤهم ينظرون إليهم من خلف الستائر مرتجفين مشدوهين باكيين........
وكان بعضهم أقرباءّ من عائلة واحده كمحمد أبو الفقراء وإخوته الثلاثه , وخمسة أبناء لفارس قوجه. و ابو جهاد النحاس واولاده الاربعه, وثلاثة أولاد لشريف اللاذقاني و..و..كما سحبوا الرائد البعثي أحمد عبد العزيزعزيّز من بيته وجروه من رتبته (بعد أن إرتدى بذته ليحمي بها نفسه وذكر لهم أنه في إجازه) فقتلوه ( فمن ولصالح من كان يعمل هؤلاء القتلة الطائفيون) وهكذا طافوا البيوت ليقتلوا كل من لم يحضر الساحه وينظفوا البيوت من الذهب والاموال . إلى أن وصلوا بيت صديقي الطيب الكريم الوديع أحمد الشيخ منُو (مساعد صيدلي) الذي كان يسمع أصوات الرشاشات في حيه هذا, وأدرك أن عدم ثقته بالنظام أفادته فجلس في بيته و لم يخرج ليقتل والحمد لله. وفجأة قرع بابه بقوه (إفتح ولا... بسرعه قرد ولا).. همهمت الأسرة جميعاً نعوذ بالله وحسبنا الله .. يا لطيف.. والحوقلة وآية الكرسي.. تتدفق بسرعة كبيرة على جميع الألسن, وأدركوا بسرعه أن الجنود سيستطيعون بسهولة كسر الباب ..فبادر الوالد ( بسم الله الرحمن الرحيم) وفتح الباب وزوجته وأولاده يرتجفون خوفا, وبادرهم بالترحاب تفضلوا أهلاً وسهلاً, ودخل الجنديان إلى غرفة الصالون, وجلسوا وبنادقهم بأيديهم والأب يرحب بهم قائلاً ( يا هلا بالشباب.. شو بتريدوا تشربوا؟ شاي ولا قهوه؟ ولا أكل) فطلبوا القهوه, فصاح الوالد: تعال يا إبني محمد (20 عاماً) جيب قهوه للشباب, وذهب محمد وتناول من أمه صينية القهوه وحملها بين يديه ومر عبر الصالون حتى دخل باب غرفة الضيوف وهو بطريقه إليهم, وإذا بأحد الجنود الجالسين يفاجأه برصاصة واحدة جاءت في قلبه فوقع ميتاً, ونفر دمه على السجاده, لم يتمالك الاب نفسه فتوتر وصاح بعصبية وسرعه ( لك ليش أتلتو لك شو ساوالك؟ مو حرام؟) فأمسك الجندي البندقية وأعطى الوالد رشقة رصاص من بندقيته فوقع ميتاً , وسال دمه على السجاد, ليختلط بدماء إبنه, ثم إ نصرفوا يتابعون مهمتهم (صرف الله قلوبهم). ودخلت أم محمد تولول وتصيح....ولا من مجيب, ثم حارت في طريقة إيصالهم لمثواهم الأخير, وكيف هذا والتجول ممنوع,ذهبت وطلبت مساعدة الجوار القريب, ولكن هل بقي رجال ليساعدوا؟؟؟ رجعت أم محمد مع أطفالها والجوار تجر الجثث ثم وجدت أن أحد الفناجين فقط كان مكسوراً مفتتاً, وهو الذي عبرت منه الطلقه لإبنها.., وإنسحب القتلة آخذين معهم بقية الأحياء ليحفروا لهم خندقاً كبيراً ويرشوهم بالرصاص ليقعوا فيه, وهكذا إنتصر القتله على الحاره, مخلفين وراءهم ما يقارب 1050 أرملة و حوالي 3200 عانوا جميعاً ( ليحيى الأسد وبعثه الطائفي) عاشوا بالفقر والحرمان, يمدون أياديهم للسماء ليستحثوا خطى السماء.
آآآه.......... ياحماه
ـ قصة حقيقيه وشهودها أحياء د.مهدي الحموي
برعاية صفحة مجزرة حماه 1982 : هنا
وثائقي عن مجزرة حماه 1982 سجل عام 1984 يعرض لاول مرة : هنا
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء