pregnancy

شبكة الجزائر | E.n.n

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شبكة الجزائر ترحب بكم،


شبكة الجزائر | قصة حماه بقلم رنا نحيلي


عهدنا:أن نتصدى للامبريالية و الصهيونية و الرجعية و نسحق أداتها المجرمة عصابة الأخوان المسلمين العميلة”
كان هذا أول ماشاهدته على جدران مدرستي الثانوية، في كل صباح، كانت حناجر الطلبة تصدح به… أقف بصمت أفكّر ماالرابط بين “الأخوان المسلمين” و “الصهيونية”
تأتيني الإجابة من داخلي “لاشيء”
أسافر من حلب نحو حمص.. نمرّ في الطريق بـ”مفرق حمص- حماه” الذي يُوصلنا إلى حمص دون المرور بحماه، يقول لي صديق السفر “هاد المفرق عملوه بالتمانينات، لحتى مايقطعو طريق حلب – دمشق لما عزلو حماه وقصفوها بالطيران.. كنت بعمرك لما قصفوها”
تعود ذاكرتي إلى حين كنّا نسافر مع أبي، نرجوه ألا يتجاوز حماه، نريد أكل البوظة الحموية بجانب النواعير لنكمل بعدها طريقنا نحو حمص.. حين كان لايستجيب لطلبنا ويقطع طريق حماه، كنّا نبكي.. نعم هذا “المفرق” يستحق البكاء عليه..
أعود لصديق سفري أسأله “لماذا سكتّم”
يأتيني بإجابته الجاهزة “ماعرفنا شو صار لبعدما خلصت، ماكان في إعلام بوقتها متل اليوم


كالكثيرين لاأدري ماجرى تماماً حينها.. البعض يقول أنه تم إدخال “سيارات شحن” مليئة بـ”الأسلحة” إلى حماه فكان لابد من قصفها للسيطرة على الوضع..والآخر يقول أن القصف تمّ بعد فشل السيطرة وإخماد الثورة أنذاك ولجعلها “عبرة لمين يعتبر” .. وقد اعتبروا.خاصة أنّ المدينة الثانية التي كانت مشتعلة آنذاك هي “حلب” ثاني أكبر المدن السوريّة فكان من الأسهل جعل هذه المدينة الصغيرة هي العبرة.
مهما كان الذي جرى آنذاك لا ينفي أنّ ماحصل هو “مجزرة” و “وصمة عار على جبين الإنسانية” بكل ماللكلمات من معنى.
ماقبل “القصف” تتشابه الروايات بين حلب وحماه، قتل عشوائي ، خلع حجاب النساء، اغتصاب، إنزال كل “ذكور” المباني “رجالاً وأطفالاً، فالأطفال يكبرون” ومن ثمّ …رشّهم..!
الأرقام اليوم حتماً ليست دقيقة ومن شبه المستحيل الحصول على “رقم” ولو تقريبي لعدد الضحايا عموماً في تلك الفترة من تاريخ سوريا
عشرات الآلاف من العائلات الحموية والحلبية ماتزال لليوم تعيش الذكرى بكل ألمها ووجعها يروون ماجرى .. حقيقة كالكذبة.. تتمنى أنّها مجرّد “فيلم أكشن” أو أسطورة من أساطير القدماء.
الدمار وضع بصمته على كل شيئ على المباني والجوامع والكنائس …والبشر، دون تفرقة
لاشيء يروي لنا ماجرى سوى ذاكرة من بقي على قيد الحياة وبعض الصور التي تروي فجاعة ماجرى..لتخبرنا أن كل الأرقام المتداولة اعلامياً اليوم لايمكن أن تكون صحيحة.. والعدد أكبر من ذلك بكثير.

اليوم..
حماه تصيح “لاتجعلوني عبرة مرتين”، المختلف، أنها ليست لوحدها..
أطفال “الثمانينات” أصبحوا رجال اليوم.. هبّوا لنصرة مدن سورية عانت الضرب والقصف المدفعي.. ليعيد التاريخ نفسه، مجازر تعمّ كافة أنحاء سوريا.. لاتستثني أحداً رجالاً ونساءً وأطفالاً ..مباني ومدارس وجوامع..فكل شيء سواء في نظرهم. “هم أو لاأحد، هم أو لاشيء”
حين تم قصف حماه عام 1982 ظنّوا بذلك أنهم أسكتوها للأبد.. لكن كما قلنا “مافي للأبد” وهذا ينطبق على كل شيء.. فهاهي حماه تنفض الدم والغبار عن ذاكرتها لتقول “لم ولن ننسى” وتنتفض معها كافة المحافظات السوريّة.. والكل يهتف “الحرية..والقصاص”
ربما جملة تندبها امرأة أرملة ثكلى تكفي لإختزال المشهد.. سوريا بين الماضي والحاضر..
تجلس على التراب لتبكي فقد قتل الأب زوجها.. ليأتي الابن ويقتل ابنها.. وتبقى هي مرتدية الأسود تقف أمام الموت متسلّحة بإيمانها بقدرة الشعب على الانتقام.
لخنساواتنا نعدكن أن ننتقم لكن.. ولكل رجال ونساء وأطفال سوريا..
سوريا الثمانينات..وسوريا اليوم
الرحمة لكل من توارى تحت التراب..دون أن يدوّن اسمه في “سجل الوفيات” دون شاهدة قبر نضع عليه الورود ونسقيه بالماء ونقف قليلاً لقراءة الفاتحة
الرحمة لكل من روى تراب سوريا بدمه البارحة واليوم وغداً
الحرية لكل من غُيّب في غياهب السجون.. الحرية لسوريا..

رنا نحيلي
شكرا لتعليقك